غزة الحبيبة عذرا إن كانوا لا يسمعون
فالشتاء قارس
وفي الدفء هم ينعمون ويغرقون
لا تزعجي النيام بأنينك
فلو ذبحوك ألف مرة ما استيقظون
قد ماتوا منذ زمن وما يعلمون
وتحللت وتعفنت ضمائرهم وقلوبهم
فكيف بربك بجراحك أنتِ سيشعرون؟
بمن تستغيثي يا نبض قلبي
بمن للفضائيات يركعو ويسجدون
وبحمد من باعوك يسبحون ويشكرون
وإن صادفت عيونهم دماء أطفالك متناثرة على الشاشات
ينفرون و يهربون
وإن سمعوا صراخ نساءك
من ضمائرهم يتبرأون
وعلى اللهو والعبث يبحثون
ليخدروا شظايا النخوة التي احترقت في رذائلهم
حبيبتي لا تبكي
قد ماتت العروبة وشيعوها منذ سنين
نحن الآن في عصر القذارة الأبدي
العصر العربي الأسود
فلتصرخي بملء صوتكِ
ما عاد الصراخ يوقظ الميتين
ولن يجدي صراخك مع من كان أصماً أو مجنون
لا تحزني ...
أوتجزعي
ولتشفقي عليهم..
التمسي لقبحهم عذرا ... ولعجزهم أعذرا
إنهم أناس يجهلون ...
ولا تنتظري فرجا ًمن حاكم مخذول
قد فرطوا في كل شئ إلا الكلام
ما عادوا يملكون إلا لسانا يتبجحون ب ويستنكرون
منذ عهد طويل كالببغاوات هم يتحدثون
ماذا ستنفع شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع
ستطعم طفلا ؟!
ستنقذ كهلا؟!
حفروا رؤوسنا بالكلام
أي شئ غير الكلام هم يتقنون
فليلتزموا الصمت قد يكون لأمثالهم أشرف
وليعتكفوا في البيوت كما النساء يفعلون
ولا يقلقوا على غزة وأطفالها
فشتان بين صبرن وانحطاطهم
بين شموخنا وهوانهم
بين من هم في القصور يسرحون ويمرحون
وبين طفل يلتمس الأمن في ظلمة قبر
غزة تغرق في الظلام...
يستنكرون ويصرخون
مخطأون هم يا دهشة عمري
بل الظلام يغرق في غزة يفترض أ يرددون
أما أخبرتهم أن الشمس تدق سماءك كل صباح
ويقتلها الخجل...
تستعير شرايينك كي توقد شمعة
تؤنسها في وحشة الليل
والقمر يجيئك كل مساء متوسلا متذللا كي تشاركينه السهر
لا تندهشوا إن إنحنى النخل وانكسر
وإن تفتفت الجب وانتحر
فقد اكتشفا صدفة
أن شموخهما لم يكن سوى كذبة
وأيقنوا أن للصمود أبجدية جديدة
لم يتعلماها بعد
تجسدت في كف طفل يمسك دفتر وحجر
غزة ...
من أين أتيتي بكل هذا العنفوان أخبريهم؟
من رملك
من بحرك
من دماء أطفالك
أم من نبض شاب يكفر بالمستحيل
أم من صبر النساء
ودموع النازحين
من أين ورثتي الصبر ؟
أمن أيوب ؟!
أي مدينة أنتِ؟!!!
يحترق الموت على اعتابك
فليرددوا غزة مدينة الموت والقه والظلم
إن كنتِ بطهارة العذراء سنحبك..
وإن كنتِ بقذارة الشيطان سنحبك..
لم يعلمونا يوما كيف نتنفس هواء بدون نكهتك
لقد تعودت صدورنا على رحيق الرصاص والبرتقال
تعودنا على الموت وعلى أحزان البعد
فكيف لنا أن نحب أرضا غير أرضك
وإن شردنا نحبك
أو شتتنا
أوبددنا
سنبقى نحبك
لا يمكن أن نحمل في حقائبنا نبضا إلا نبضكِ
أي شئ في الدنيا سيأخذنا منك؟
وكلما هربنا منك هربنا إليك